اجهزة توفير الكهرباء

أجهزة توفير فاتورة الكهرباء

image1.jpeg

بقلم م.فهد عبده رفاعي

مختص في الكهرباء والطاقة الشمسية

Twitter: fahraf1

انتشرت في الآونة الأخيرة اعلانات لجهات مجهولة المصدر، اما عبر وسائل التواصل الاجتماعي خصوصا "تويتر" و "الواتس أب" او حتى "يوتيوب" ، رسائل دعائية ومقاطع مسجلة لأجهزة يدعي من يسوق لها أنها توفر الطاقة الكهربائية في المنزل بمجرد أن تقوم بتركيبها في أحد "منافذ الكهرباء – الفيش ". هذه الأجهزة منتشرة بأشكال وأحجام مختلفة وبصناعات محلية وأجنبية ويتم توفيرها عبر نقاط بيع غير مرخصة، وغالبا عبر الإنترنت، ويندر أن تجدها تباع في محلات الكهرباء في الأسواق.

ان انتشار هذه الأجهزة هذه الأيام وعند كل زيادة في تعرفة الكهرباء يجب أن يجعلنا نتساءل كمستهلكين، لماذا لا تنتشر هذه الأجهزة الا عند رفع التعرفة الكهربائية ؟ لماذا لم يسوق لها في السابق، أليست توفر الكهرباء وبالتالي فواتيرها كما يدعون؟ اذن لماذا لم تظهر من قبل ونستخدمها لنوفر أكثر حتى لو كانت التعرفة الرخيصة؟

ان مسوقي هذه الاجهزة يلعبون على وتر خطير وهو "جهل" المستهلك العادي بأساسيات الكهرباء وكيفية استهلاك الاجهزة المنزلية للطاقة. وكثير من الذين وقعوا ضحية هذه الاجهزة، حقيقة هم لم يدفعوا مبالغ طائلة في شراءها لأن مسوقيها يبيعونها بسعر زهيد جدا مقارنة بالدور الذي "يزعمون" انها تقوم به. هل يعقل ان أبيعك جهازاً يوفر عليك 30 – 70% من فاتورتك الكهربائية كما يدعي مسوقوها بسعر لا يتجاوز 100 ريال الى 300 ريال ؟ بل أنني وجدته على أحد المواقع بسعر لا يزيد عن الخمسين ريال شاملا التوصيل بالبريد. فكر قليلاً، كيف لجهاز يوفر علينا كل هذا الاستهلاك لم تكتشفه الدول وشركات الكهرباء بعد ؟! اليس لو كان لهذه الاجهزة فائدة حقيقية في الاحمال السكنية، فسوف تقوم شركات الكهرباء بتسويقها علينا، بل ربما وزعته مجاناً كما تقوم شركات المياه بتوفير اجهزة منع تسريب المياه؟

ستقول لي: ليس من مصلحة شركات الكهرباء السماح لهذه الاجهزة لأنها تقلل من الاستهلاك وبالتالي الأرباح لديها ! وهذا فعلاً ما اتهمني به البعض عندما حاولت تقديم تجربة عملية واخرى حسابية نشرتها على اليوتيوب لدحض زعم هذه الاجهزة وتوعية الناس، بل وصل

بالبعض اتهامي أنني اعمل موظفاً في شركة الكهرباء وهي تستخدمني حتى ارفع من ارباحها. لكن ما فاتهم هو أن شركات الكهرباء خصوصاً في الخليج تعاني معاناة كبيرة في توفير الكهرباء لمواطنيها بأسعار مكلفة جداً فقط حتى تواكب الأحمال الذروية المتضخمة سنة بعد سنة وذلك عبر بناء محطات كهربائية عملاقة معظم وحداتها لا تعمل الا لساعات قليلة من اليوم قد لا تتجاوز اربع الى خمس ساعات. هل تعلم حجم رؤوس الأموال التي تضخ في بناء مثل هذه المحطات وهل تعلم كم من السنين تحتاج كل شركة لتعويض هذه المبالغ ؟ وفي السعودية مثلاً، من يقوم بضخ هذه المبالغ هي الحكومة عبر برامج دعم ومساعدات وقروض حسنة تقدم للشركة وتقدر بمليارات الريالات كل سنة.

لذا فليس صحيحاً ان شركات الكهرباء تخشى هذه الاجهزة في المنازل، ان الفاتورة الكهربائية تحتسب على أساس استهلاك الطاقة الكهربائية او ما يسمى " الكيلو واط ساعة"، وهذه الطاقة تحتسب عبر حساب عدة أمور معاً وليس أحدها فقط دون الآخر وهي :

التيار الكهربائي أو "الأمبير" ،والجهد الكهربائي وهو ثابت في جميع المنازل 220 فولت مثلا، وهناك معامل هو المهم في كل حسابات هذه الطاقة وهو "معامل القدرة"Power Factor ، ومعامل القدرة يختلف باختلاف الاجهزة، وهذا المعامل يمكن زيادته او بمعنى آخر يمكن رفعه لتحسين جودة كفاءة الأجهزة في القطاع الصناعي وليس السكني، كون ان شركات الكهرباء تقوم بمحاسبة المصانع على نوعين من القدرات الكهربائية ، القدرة الحقيقية وهي التي تحتسب بالواط Active Power، وهي شبيهة بتلك التي تحاسبنا عليها في المساكن او ما يقرأه العداد المنزلي. كما انها تحاسب المصانع على نوع من القدرات يسمى القدرة غير الحقيقيةReactive Power وهذه لها عدادات خاصة تحتسب من خلالها، وهذه لا يمكن للعداد المنزلي الموجود في منازلنا قراءة هذه القيمة لأنها ليست مصممة لهذا الغرض ومن أجل هذا السبب لا تحاسبنا عليها شركات الكهرباء.

فما تقوم به اجهزة "الخداع" المذكورة انها توهم المستهلك عند تركيبها انها تقوم بخفض التيار الكهربائي الذي تسحبه احماله الكهربائية وهذا فعلا صحيح ولا يمكن انكاره، الا انه بالمقابل لا يوضح للمستهلك انها تقوم أيضا برفع "معامل القدرة" بنفس النسبة، ويحكم كل ذلك المعادلة الرياضية الكهربائية التالية :

القدرة الكهربائية kW = التيار "الأمبير" × الجهد الكهربائي"220فولت" × معامل القدرة

الطاقة الكهربائية المستهلكةkW.h = القدرة الكهربائية Kw × ساعات تشغيل الجهاز h

وهذا ما يجعل دائما استهلاك "الطاقة الكهربائية kW.h " ثابتاً قبل استخدام هذه الاجهزة او بعد استخدامها. ولو توجهت الى عداد منزلك فستجد أن عداد الكهرباء يقوم بحساب الطاقة (ك و س) وليس التيار (أمبير). فما تقوم به هذه الاجهزة هو تقليل القدرة غير الحقيقة التي لا تحاسبنا عليها أصلا شركات الكهرباء في منازلنا، وهذه الاجهزة ايضا لو تم تركيبها في المصانع فلن تؤثر كثيرا لان مكوناتها صغيرة جدا مقارنة بالتجهيزات التي تتطلبها الاحمال الصناعية، فهي في كل الأحوال غير مجدية.

هذه المقالة وغيرها من المقالات التوعوية، قد يجد فيها المتخصص صعوبة في ايصال فكرته بلغة بسيطة غير تقنية ليفهمها الجميع وخصوصاً غير المتخصصين، وهو الأمر الذي يجعلنا نطالب أن تقوم الجهات المعنية بتقديم هذه الافكار بأساليب توعوية وقوالب قابلة للنشر في وسائل التواصل الاجتماعي والاعلام. كما نتمنى من الجهات الرقابية سواء كانت وزارة التجارة او الجمارك وحتى جمعيات حماية المستهلك بملاحقة ومنع وجود مثل هذه الاجهزة ومسوقيها، لان فيها استغلال للمواطنين والمقيمين ببيعهم الوهم، كما ان مثل هذه الاجهزة قد تقلل من أهمية وجدوى حملات التوعية بترشيد الكهرباء والطاقة حيث تجعل المستهلك يتساهل بأهمية الترشيد لاعتقاده ان هذه الاجهزة تقوم بدورها المزعوم.

تعليقات

المشاركات الشائعة